السعودية ومواقف الكبار

في زمنٍ تتصارع فيه المصالح، وتتأجج فيه الأزمات السياسية والعسكرية، تظل المملكة العربية السعودية شامخةً بثوابتها، ثابتةً على نهجها النبيل في خدمة الإسلام والإنسان، دون تمييز أو تسييس. ومؤخرًا، تجلّى هذا النهج في أبهى صوره عبر المبادرة الكريمة التي وجّه بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبمتابعة حثيثة من سمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، لتقديم كامل الرعاية لحجاج الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إثر التصعيد المتسارع بين إيران وإسرائيل.
القيادة السعودية: إنسانية تتقدّم على كل اعتبار .
في بيان رسمي، وجه خادم الحرمين الشريفين – بناءً على ما عرضه ولي العهد – وزارة الحج والعمرة بتسهيل كافة احتياجات الحجاج الإيرانيين، وتقديم كل الخدمات لهم حتى تتيسر عودتهم إلى وطنهم بسلام. لم يكن ذلك الموقف مجرد إجراء بروتوكولي، بل ترجمة حيّة لمعاني الإسلام الرحيمة، وتجسيد لرسالة الحرمين الشريفين في رعاية ضيوف الرحمن أيًّا كانت ظروفهم أو أوطانهم.
حين تتحدث الأخلاق بلغة الدولة .
في لحظة إقليمية حرجة، اختارت السعودية أن تبعث برسالة أسمى من السياسة، وأكبر من الحسابات الآنية: الإنسان أولًا، والحاج في ذمة الله وضيافتنا. هذا المبدأ لم يكن وليد اللحظة، بل هو امتدادٌ لتاريخ مشرّف بدأ منذ تأسيس الدولة السعودية، وتواصل برؤية طموحة تُعلي القيم وتُكرّم الإنسان.
ولي العهد .. قائد شاب يرى أبعد من اللحظة .
لم يكن عرض سمو ولي العهد لتلك المبادرة نابعًا فقط من مسؤولياته الرسمية، بل كان ثمرة لرؤية إنسانية عميقة، تؤمن بأن الدين والحكمة يمكن أن يلتقيا، وأن المملكة قادرة على الجمع بين السياسة والسيادة الأخلاقية. في ظل رؤية 2030، لم تتغيّر أولويات المملكة تجاه الحجاج، بل زادت ثراءً ورسوخًا، وتحوّلت إلى نظام مؤسسي يُعلي من قيمة الضيف وكرامته.
أثر المبادرة… ما بعد السياسة .
هذه المبادرة وجدت صدى واسعًا لدى المسلمين حول العالم، ممن رأوا فيها نموذجًا نادرًا في التعامل مع الخلافات من منظور أخلاقي وإيماني. لقد أظهرت المملكة أنها تُدير الحرمين لا كمجرد شرف، بل كأمانة ومسؤولية أمام الله والتاريخ، تتجاوز بها كل الاعتبارات الضيقة.
خاتمة
إن مواقف الكبار لا تُقاس بالكلمات بل بالأفعال، والمملكة بقيادتها الرشيدة أثبتت للعالم أنها ليست فقط قوة سياسية واقتصادية، بل مرجعية أخلاقية في زمن يفتقد للثوابت.
جزى الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده خير الجزاء، وجعل هذه المبادرة في موازين حسناتهم، وحفظ ضيوف الرحمن، وردّهم إلى ديارهم سالمين غانمين .