تأنيث الوظائف : من التوجيه إلى التمكين

في العقد الأخير، شهد المجتمع السعودي تحولات جذرية في نظرته إلى دور المرأة، لا سيما في سوق العمل، فبعد أن كانت بعض الوظائف “موصومة اجتماعيًا” ومحصورة على الذكور، أصبح من المألوف اليوم رؤية سعوديات يعملن في القطاعات التي كانت تُعتبر من المحرّمات الاجتماعية، مثل البيع في المحال التجارية، الأمن، والضيافة، هذا التحول لا يعكس فقط انفتاحًا سياسيًا واقتصاديًا، بل ثورة ثقافية واجتماعية عميقة، تمس جوهر الهوية المجتمعية ومعايير “العيب”
ثقافة “العيب” في طريقها للزوال؟
ظلت ثقافة “العيب” حجر عثرة أمام المرأة السعودية في دخول عدد من المجالات، كانت بعض الأسر ترفض عمل بناتها في مجالات معينة “حفاظًا على السمعة”، أو لعدم تقبل المجتمع لفكرة وجود امرأة عاملة في مكان مختلط.
لكن مع الوقت، ومع دعم السياسات الحكومية وموجات التوعية، أصبح من المقبول – بل والمشجع – أن تعمل المرأة في وظائف كانت محظورة عليها سابقًا.
أصبح العمل بالنسبة للكثير من السعوديات ليس فقط مصدر دخل، بل أداة لتحقيق الذات والاستقلال والتمكين، تعمل اليوم الشابات في المقاهي، شركات التقنية، مراكز الاتصال، وحتى في التوصيل وخدمات التطبيقات، كما تزايد عدد المشاريع الريادية النسائية بنسبة تجاوزت 50% منذ 2020 بحسب وزارة التجارة.
إشراقة ختامية:
لم يعد الحديث عن “تأنيث الوظائف” ترفًا أو قضية هامشية، بل أصبح جزءًا أصيلًا من مشروع وطني لتحديث المجتمع السعودي، وتنمية اقتصاده، وتحرير طاقاته البشرية، وبينما لا تزال ثقافة “العيب” تتلاشى ببطء، فإن الأرقام، والقصص اليومية، تثبت أن المرأة السعودية لم تعد تنتظر الإذن، بل تصنع الفرص.