من العشوائية إلى الأثر

في عالمٍ تتسارع فيه التحديات وتتعاظم فيه الحاجات المجتمعية، يُفترض أن يكون التطوع أحد أعمدة التنمية المستدامة، لا مجرد نشاط موسمي أو مبادرة عابرة.

ورغم أن العالم العربي، والسعودية خصوصًا، يزخر بالطاقة الشبابية والرغبة في العطاء، إلا أن ضعف ثقافة التطوع المؤسسي ما زال يشكّل عائقًا أمام تحويل هذه الطاقة إلى أثر ملموس ومستدام.

إن نمط من العمل التطوعي يتم عبر كيانات منظمة، تضع أهدافًا واضحة، وتستخدم أدوات الحوكمة، وتقيس الأثر بطريقة ممنهجة – إنه يختلف عن التطوع الفردي أو الموسمي الذي يعتمد غالبًا على المبادرة الشخصية دون تخطيط أو متابعة.

ولعلنا نذكر ملامح ضعف ثقافة التطوع المؤسسي في بيئتنا

1. العشوائية في المبادرات: غالبًا ما تنطلق الحملات دون دراسة احتياج، أو دون تكامل مع جهات حكومية/أهلية.

2. ضعف التدريب والتأهيل: كثير من المتطوعين لا يتلقون تدريبًا قبل الانخراط في العمل التطوعي، مما يُضعف الكفاءة والأثر.

3. غياب أدوات القياس والتوثيق: نادرًا ما يتم توثيق الساعات التطوعية، أو تحليل أثر المبادرات، مما يقلل من فرص التحسين والتطوير.

4. الموسمية والانطباعية: يتم حصر التطوع غالبًا في المناسبات، أو كنوع من تحسين الصورة، وليس كقيمة مجتمعية دائمة.

ومن أهم آثار هذا الضعف على المجتمع والجهات

• هدر الجهد والطاقة البشرية
• تشويه صورة العمل التطوعي لدى الشباب
• عدم بناء قاعدة بيانات تطوعية وطنية فعالة
• صعوبة الاعتماد على المتطوعين في أوقات الأزمات

ولتحويل ثقافة التطوع من العشوائية إلى الأثر، يجب تبني عدد من المسارات الإصلاحية: تشمل: التخطيط، التأهيل، التحفيز، القياس، التوثيق.

ختاماً  :
العمل التطوعي ليس ترفًا، بل هو رافعة مجتمعية تعكس نضج المجتمع ووعيه – لكن لا يمكن أن يؤتي ثماره ما لم يُحوكم ويُنظم ويُقاس.

لقد آن الأوان للانتقال من النية الطيبة إلى العمل المتقن، ومن الظهور في الصور إلى الظهور في الأثر، فالمجتمعات التي تحترف التطوع… تحترف النهوض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى